سلسلة مرآة الحقيقة
The Mirror of Truth
الحقيقة الخامسة عشر
الذات الإلهية
هل حقا أصبحنا بهذا القدر من الجرأة والشجاعة لنتحدث عن الذات الإلهية كما نريد ، هل حقا أصبحنا نملك القوة لنقول عنها ما نشاء ، هل حقا عظم شأننا ، وتجبرت قوتنا لدرجة أننا بتنا نستعلي ونتكبر على خالقنا الذي خلقنا ، ونقول في حق ذاته الأقاويل ، وعن من نتحدث ؟؟؟ عن الله ؟؟؟؟ ، الله الذي خلق الكون وجعله تحت حكمنا ، الله الذي علمنا وطورنا وأرشدنا لطريق العلم والمعرفة الذي أضحينا بسببه متطورين متحضرين ، الله الذي بإرادته ومشيئته قادر على إفناء البشرية بحرفين : الكاف والنون ، الله الذي لا إله إلا هو ؟؟؟ !!! ، نعم هذه هي الذات التي أصبحت لعبة وهدفا لكثير من المسلمين ، تلك هي الذات التي قدسها جميع الانبياء السابقين منذ آدم إلى محمد ، الذات التي قدسها المسلمون ألف وأربعمائة عام ، نأتي نحن الآن ونقول في حقها الأكاذيب بجهلنا وغرورنا وكبرنا ، لن أتحدث هنا عن نعم الله علينا ، فالكل بنعمته يسبح ، والكل تحت رحمته يعيش ، ولن أتحدث عن فضله سبحانه علينا ، ففضله لا يحصى ولا يعد وليس له حدود ، بل سأتحدث عن أولئك الذين لا يخافونه ولا يخشونه ، هؤلاء الذي اتخذوا مسبته ديدنا وطريقا لتفريغ غضبهم ، أولئك الذين يخشون الآخرين فيتحاشون مسبتهم ، ولا يخشون الله فيسبونه ، وإنني لأتعجب من رحمة الله تعالى وطول صبره وعدم تعجيله بالعقاب على تلك الشرذمة الضالة – فهو الصبور دائما – ، ولو أن أحدهم أخطأ في حقنا ، لثرنا وغضبنا وربما ارتكبنا جريمة فيه ، أما الله – وهو غني عن العالمين – فله حكمة بتأجيل العقاب ، وصبره سبحانه لا مثيل له.
لقد أصبح كثير من المسلمين هداهم الله – ولا أكفرهم أبدا – يجهلون قدسية تلك الذات ، والحق معهم ، فوسائل الإعلام ومغريات الحياة ، وتسلط الغرب وتفننه في انحرافنا ، كل ذلك ساعد في التقليل من قدسيته في النفوس ، وأخص بالسبب تلك الأفلام الأجنبية الحديثة ، التي تفننت وتطورت وتشعبت ، والتي أظهرت قدرة البشر على أنها تماثل قدرة الله ، فهم يخلقون ويبيدون ويسيطرون ويفعلون ما يريدون ، كما أن تلك الألعاب الحديثة ، والتي تحث اللاعب على القتال والتدمير ، حتى يصل إلى المرحلة التي يتطلب منه هزيمة الجبار الكبير ، الذي يظهر في النهاية أنه الله – وحاشا لله - ، كل ذلك ساعد على تقليل قدسيته في النفوس ، فأصبح الكثيرون يعتبرونها مجرد شيء ، أي شيء مثل الأشياء الأخرى ، فيتحدثون عنها بطلاقة ، بدون احترام أو تقدير ، ولو أنهم تحدثوا عن مدير أو أحد كبير ، لعظموه وبجلوه ، وربما قدسوه وعبدوه.
لقد أصبح الشباب اليوم غير مبال بتلك القدسية ، وأصبح سبها أسهل طريق لتفريغ الغضب ، فإذا حدث شجار بين أشخاص ، فإنهم لا يسبون بعضهم البعض كما يحدث عادة ، بل يلجئون لسب الله ولعنه ، سبحان الله يلعنون الله الذي خلقهم وأبقاهم أحياء حتى بعدما سبوه ، وقد كان قادرا على شلهم أو إماتتهم ، بل إن الموضوع تطور لأن ينسبوا البنت والأم له سبحانه ، ثم يسبونهما ، كما يسب السفلة أمهات وأخوات بعضهم البعض ، نعم لقد وصلت إهانة الذات المقدسة إلى هذا الحد ، أصبحت وللأسف أرخص شيء في نفوسنا ، الكثير يسبه وينسب له البنت والأم ، والكل لا يحترمه ولا يقدسه ، وبعد ذلك كله ، ترى أولئك ساجدين له في الصلاة ، طالبين الرحمة منه ، أي رحمة يرجونها ؟؟؟ إنهم لا يستحقون الرحمة ، إنهم يستحقون نارا تحرق أجسادهم ، يستحقون أن يكونوا حطبا لجنهم ، لقد أهان اليهود منذ الأزل قدسية الله فنسبوا البخل والنسيان والغضب والجهل له ، سبحان الله ويتطور الموقف لنسير على خطاهم ، وكأن خططهم لإبعادنا عن ديننا باتت تستهدف قدسية الذات في ذاتنا ، ولكنني أقول أن كل تلك المظاهر ما هي إلا بالونات ستنفجر ، وقد يحل غضب الله وعقابه على أولئك المدنسين ، لكنني أرجو أن يهدي الله أولئك المنحرفون ، فيزرع فيهم مخافته وتعظيمه ، وينمي في قلوبنا جميعا تقديسه وعبادته ، لأن أعظم ما نتصف فيه هو الأخلاق الحسنة ، فلا نتمنى أن يبيد الله هؤلاء الضالون ، بل نرجو لهم الهداية قبل وفاتهم ، فهذا أعظم ما جاء به دين الإسلام : السماحة والخلق الحسن.
وأذكر قصة حدثت مع أحد الذين أعرفهم ، فقد كان لا يفتأ يهين الذات ويسبها ، ولقد احصينا عليه مرة أنه سب الذات الإلهية ثلاثين مرة في اليوم وهو يضحك ويلعب أو يثور ويغضب ، ماذا كانت النتيجة ؟؟؟ لقد ابتلاه الله بحادث فأصيب بالغيبوبة إلى الآن ، وهو في عمر السابعة عشر ، غيبوبة بقي فيها ستة أشهر ، ولا أعلم ماذا حدث بعدها ، فقد تخلى عنه الجميع ، لا إله إلا الله ، لكنني أرجو أن يمن الله عليه بالهداية فيرجع له عافيته ليستطيع التوبة عما قال ، وإذا كان الله شديد العقاب ، فهو سبحانه وتعالى غفور رحيم !!!
هناك تعليق واحد:
موضوع رائع
جزاك الله كل خير...
إرسال تعليق