سلسلة مرآة الحقيقة
The Mirror of truth
الحقيقة الثانية عشر
عيد الجلاء 17 / نيسان ( إبريل ) / 1946 م
نعيش هذه الأيام ذكرى عزيزة على قلوبنا ، مقدسة في ذاتها وذاتنا ، ناضل أجدادنا من أجلها طويلا ، وننتظرها نحن كل عام بفارغ الصبر ، إنها ذكرى جلاء المستعمر عن بلادي المجيدة ، ومن هو المستعمر الذي دنس أرضي عشرات السنين ، مارس أقسى أنواع الإرهاب بحق شعبه ، وأسقط بأسلحته مئات الآلاف من الشهداء ، دمر جمالها وروعتها ، وزرع الفتنة بين طوائفها ، منزوع الرحمة والشفقة ، عديم الأخلاق مجهول التاريخ ، سفاك الحملات الصليبية قديما ، الذي لم يفرق بين مسلم ومسيحي ، فقتل المسيحي قبل المسلم ، واستعبد المسلم وأذله – وحاشا للمسلم ذلك الوصف – ، مدفوع بالطمع والجشع ، لاستغلال خيرات بلادي وثرواتها ، سرق ونهب وقتل ودمر كل ما وجده في طريقه ، ورغم ميوعة شبابه وفساده ، وانحطاط أخلاقه وانعدام قيمه ، يأتي ويتكبر على شعب بلادي الكريمة العزيزة ، التي ضرب المثل بشهامتها ورجولتها ، أتى ليسترجل على النساء قويات الإيمان ضعيفات الجسد ، لكنهن أثبتن له ضعفه وهوانه حين قاومنه وحططن من مقداره ، فمن هو هذا المحتل ؟؟؟ ومن هو ذاك المستعمر ؟؟؟
إنه فرنسا ، ذلك البلد المدفوع بحقد على المسلمين قديما وحديثا ومستقبلا ، ذلك البلد الذي تفجرت في وجهه عشرات الثورات الأبية ، وخاض عشرات المعارك الطاهرة على ارضي الحبيبة ، ولكن القدر أبي أن يتركه على حاله حين رأى فساده ، فشرده واقتلع جذوره من الأرض ، وأرجعه إلى موطنه خسيسا ذليلا ، ورد لرجال شعبي ونسائهم هيبتهم وعزهم وكرامتهم ، إنها ذكرى نيسان المجيد ، الذي ترك المحتل فيه بلدي ورحل عنها إلى غير رجعة.
لقد كان لسوريا تاريخ عريق منذ أن نشأت الخليقة ، فهي مهد حضارات عظيمة على كل شبر منها ، ويكفينا شرفا أن العالم الإسلامي قد حكمه معاوية ويزيد والوليد وهشام وعمر بن عبد العزيز من هذه الأرض التي نفتخر بها ، وأن دمشق هي مجد التاريخ ، وأول مدينة سكنت على الأرض ، وعاصمة الإسلام لقرن من الزمان ، وأرض لقبور الأنبياء ، فزكريا ويحيى وهابيل عليهم السلام دفنوا فيها ، هذه هي مفاخر بلادي التي لا تنتهي والتي اعتز بها ، أينما توجهت وحيثما سرت.
إن بلادي اليوم بقيادة نظامه ، يعاني من ضغوطات عالمية شديدة وقاسية ، فمن حصار جائر لا ينفك ، إلى مقاطعات سياسية واقتصادية ، وقرارات جائرة بحق النظام وبحق الشعب ، ومعاملة قاسية لأبنائه في جميع البلاد الغربية ، كل ذلك ليرضخ إلى مطالب الغرب الأعمى ، الداعي إلى الاعتراف بإسرائيل كوطن مشروع على أرض فلسطين ، وطرد المقاومة الفلسطينية والتخلي عنها ، والتخلي عن مقاومة لبنان ضد السفاح الصهيوني .
ولكن أنى لنا ولرئيسنا أن نخضع للباطل ، ونتخذه شعارا لنا ، وقد كنا قبل سبعين عاما نرفض الاحتلال لأرضنا ، ونقاوم بكل ما أوتينا لطرده والتخلص منه ، أفبعد أن نرفض احتلالنا ، نأتي ونرضى باحتلال أرض مجاورة لأرضنا ، تربطنا بها علاقات لا حصر لها ، لا والله ولن يكون ، فليس هناك سوري في الأرض يرضى بكيان محتل على أرض مغتصبة ، ولكن الحق سيرجع يوما ، وستكون سوريا أول المهنئين بتحرير فلسطين ، وستتحرر الجولان وكل الأراضي المحتلة ، وكما اندحرت فرنسا إلى موطنها ، سيندحر اليهود إلى القبور التي لن تسعهم ، وسيتخلص العالم من شرهم وباطلهم ، ليعم الحق العالم ، وتنتشر كلمة الله في الأرض.
ولكن أنى لنا ولرئيسنا أن نخضع للباطل ، ونتخذه شعارا لنا ، وقد كنا قبل سبعين عاما نرفض الاحتلال لأرضنا ، ونقاوم بكل ما أوتينا لطرده والتخلص منه ، أفبعد أن نرفض احتلالنا ، نأتي ونرضى باحتلال أرض مجاورة لأرضنا ، تربطنا بها علاقات لا حصر لها ، لا والله ولن يكون ، فليس هناك سوري في الأرض يرضى بكيان محتل على أرض مغتصبة ، ولكن الحق سيرجع يوما ، وستكون سوريا أول المهنئين بتحرير فلسطين ، وستتحرر الجولان وكل الأراضي المحتلة ، وكما اندحرت فرنسا إلى موطنها ، سيندحر اليهود إلى القبور التي لن تسعهم ، وسيتخلص العالم من شرهم وباطلهم ، ليعم الحق العالم ، وتنتشر كلمة الله في الأرض.
إن علينا – بمناسبة ذكرى الجلاء المجيد – واجبا عظيما تجاه وطننا ، إنه يطلب منا التوحد تحت قيادته لمجابهة ذلك الظلم المفروض علينا ، إن علينا التوحد لنفرض أنفسنا على الجميع ، ليعلم الجميع أن الحق في أيدينا ، والحمد لله فالكل متوحد بطوائفه في الداخل ، وعلينا نحن أن نتوحد في الخارج ، لنعمل من اجل سوريا ، من أجل الحق ، من أجل العدل ، من أجل رفع الظلم عنا ، والمفروض علينا من أمريكا الصهيونية ، ويكفينا شرفا أن الأسد الأب والأسد الابن هما الوحيدان من الحكام العرب الذين لم تطأ أقدامهم أرض الأعداء ( أمريكا ) ، وهما الوحيدان اللذان يدعمان المقاومة حين تخلى عنهما الناس ، فمقاومة الصهاينة حق مشروع ، سواء كانت من فلسطين أو من لبنان ، ولو اختلفت المذاهب أو العقائد ، فالجميع هناك يعمل لغاية واحدة ، لمحو إسرائيل من الوجود.
كما أن علينا بمناسبة هذه الذكرى أيضا ، أن نتذكر إخوة لنا بجوارنا ، لا ينعمون بحق الحرية أو حق التعبير ، مهجرون من أراضيهم ، مشردون في كل دول العالم ، ليس لديهم أعياد ، ولا يعرفون ما هي الحياة الكريمة ، ينتظرون كما انتظر آباؤنا يوما مجيدا يتخلصون منه من ذلك الظلم ، ويعملون جاهدين ومقاومين لهذا المحتل ، ولو تخلى عنهم الناس ، فإرادة الإيمان تغلب أي إرادة ، وإرادة الحق تطغى على الباطل والشر ، إنهم إخواننا الفلسطينيون ، الذي نتمنى أن تأتي الذكرى القادمة وقد أصبحوا قادرين على الصلاة في المسجد الأقصى ، وأصبحوا ينعمون كما ننعم نحن ، بكل طيب من هذه الحياة.
نهنئ كل سوري في العالم ، بهذه الذكرى المجيدة ، راجين منه أن يخصص جزءا من وقته لخدمة بلده ، والدفاع عنه في كل المحافل ، وحين نشعر أننا أدينا واجبنا تجاه وطننا ، فسيأتينا النصر حتما لا ريب فيه
هناك تعليق واحد:
يعطيك العافية شيخي
...
إرسال تعليق