سلسلة مرآة الحقيقة
The Mirror of Truth
الحقيقة السابعة عشر
مذكرات نطوفة
(( فكرة القصة منقولة من أحد المواقع الإلكترونية أما الحبكة والتعابير فهي من تأليفي ))
فتحت عيني فجأة ، ظلام دامس يحيط بي ، وقبل أن أستوعب ما يحدث لي ، شعرت أنني في عالم غريب ، لا يشبه ذلك العالم الذي كنت فيه ، لقد كنت قبل أن آتي إلى هنا أنظر فأرى غيوما وسحب وكرات ضخمة تتحرك ، وكرات أخرى مضيئة إحداها حمراء والأخرى بيضاء أو صفراء ، كنت لا أستطيع سؤال من حولي عن تلك الأشكال الغريبة أو ذلك العالم الواسع ، فقد كان محرم علينا التحدث أو حتى التنفس في مثل تلك المواضيع ، وفجأة أغمي علي ولا أدري كم لبثت ، لكنني الآن قد فتحت عيني لأرى نفسي محشورا في كيس من المياه الدافئة ، وأصوات غريبة تصدر من حولي ، أشبه بتلك التي تكون في أنابيب المياه ، تحركت قليلا لأرى أين أنا ، لقد تغير شكلي ، أصبحت روحي محبوسة داخل جسم غريب ، كجسم رجال الفضاء الذين كنت أشاهدهم بين الفترة والأخرى ، لقد كانوا فعلا مضحكين ، كنا نقضي ساعات نضحك عليهم ، ولكنني لم أكن لأتخيل أن الله سيعاقبني يوما فيجعلني معهم ، بدأت باستكشاف نفسي ، فرأيت أصابعي وساقي ثم فخذي ، ثم ( .... مشفر .... ) فبطني وصدري ثم رقبتي ، تحسست ما تبقى من جسمي ، فاكتشفت أنه على شكل كرة ، لم أستطع أن أرى ما فيها ، فقد كانت عيني محشورتان في تلك الكرة التي أحملها على رقبتي ، وأخيرا اكتشفت من أنا ، إنني من عالم البشر ، ذلك العالم المليء بالمشاكل ، صعقت وبدأت عيني تذرفان ، فقد كان ذلك العالم مغضوب عليه من الله سبحانه ، لكثر ما كان يفعل من المعاصي والذنوب ، لقد كانت فعلا مصيبة عظيمة ، بل كارثة ضخمة ، إنني سأبذل جهدي لأتخلص منها ، بدأت بالرفس محاولا التحرر ، وإذ بأصوات تصدر من جانبي ، التفت فرأيت أشخاصا في الخارج يتحدثون في فرح ، وأحدهم يقول لي : مبروك حبيبتي ، أنت حامل ، صعقت مرة أخرى ، أأنا حامل ؟؟؟ أأنا أنثى حتى أكون حاملا ؟؟؟ إن أصدقائي هناك يقولون أنني ذكر ، فعلا أثبت لي هذا العالم أنه غريب ( وماشي بالمقلوب ) ، حاولت أن أرد بكلمة فلم أجد شيئا لأقوله ، لكنه صدرت أصوات من ذلك المكان الذي أنا فيه ، من فوقي مباشرة وهو يقول : الله يبارك فيك حبيبي ، وللمرة الثالثة صعقت ، أنا في بطن أمي ، وذلك الشخص الذي باركني هو أبي ، يا الله ، لقد صدقت نبوءة صديقتي هناك ، أنني يوما ما سأنزل لذلك العالم السفلي ، وأصبح من المغضوب عليهم ، لكنني سلمت أمري إلى الله ، وأغمضت عيني محاولا النوم.
بعد مدة ليست بالقصيرة ، فتحت عيني لأرى نفسي قد كبرت قليلا ، وبدأت أصابعي بالنمو ، وظهر شعر على رأسي ، شعرت بشي يدغدغني ، نظرت وإذ بالطبيبة قد وضعت الجهاز اللعين الذي يسمونه ( السونار ) لتستكشفني ، بدأت أرقص وأحرك أرجلي ، محاولا التظاهر بالدلع ، نظر أبي وأمي إلى الشاشة التي أظهر عليها ، ابتسما وضحكا ، فقد كنت سليم الخلقة ، لا عيب فيّ ، لقد كانت سلسلة المفاجآت التي عشتها كالكابوس الذي أتنظر أن أصحو منه ، لكن الحقيقة أنني في عالم البشر الآن ، سأخرج من بطن أمي ، وأدخل المدرسة وأتعب وأشقى طوال حياتي ، وأخيرا سأموت وأدفن في حفرة ، يا إلهي ما هذه الحياة المملة التعيسة ؟؟؟ لن أرى صديقتي المحبوبة بعد الآن ، ولن أسمع تنبؤات العرافة العجوز ، ولن أشاهد ذلك العالم الفسيح ، ولن أتنعم بالحرية التي كنت أعيشها ، أغمضت عيني مرة أخرى لأرى متى سينتهي ذلك الكابوس اللعين.
فجأة تزلزل المكان الذي أعيش فيه ، وبدأ يضغط علي حتى كدت أختنق ، لقد كنت في الشهر السابع وليس اليوم موعد خروجي من ذلك السجن ، نظرت خارجا فرأيت أمي وقد انزلقت على الأرض أثناء خروجها من المطبخ ، هرع أبي ومسكها قائلا : خيرا حبيبتي ، إن شاء الله خير ؟؟؟ قالت والخجل يكسو خديها : لا بأس حبيبي ، كله خير ، نظر إلى بطنها فشاهدني وابتسم ، ثم قرب وجهه فقبل بطنها ، أحسست بشعور غريب ، فهو لم يشاهدني مطلقا ، ويقبلني كل يوم ، بعدها جلسا على الكنبة وبدأ مسلسل الغزل -------------------------------------------------- تم تشفيره -------------------------------------------------- قلت أفضل شيء أرجع أنام ، لأن التنصت على كلام الآخرين عيب ، هكذا علمتني صديقتي الحسناء ، أغمضت عيني متمنيا أن ينتهي ذلك الحلم.
بعد مدة قضيتها نائما ، أحسست بالمكان يضيق ، أحسست برئتي تنضغطان حتى كادت حويصلاتي الهوائية أن تنفجر ، وقلبي كاد يتوقف عن الدق ، بدأت بالرفس والصراخ ، ليرحمني الله ، ولينقذني أحد ، صرخت : أمي أخرجيني من بطنك ، كدت تقتلينني ، بدأت بالضرب على جوانب البطن ، وسحبت ذلك الحبل الذي يلفني ( المفروض يسموه الحبل الخانق بدل الحبل السري ) وشددته ، أحست أمي بحركاتي فصرخت ، وكان الوقت فجرا ، ضربت رجلي على طرف الكيس ، فثقب الكيس وبدأت المياه بالتدفق مانحة لي بعض الراحة ، أسرع أبي حاملا أمي إلى المستشفى ، وأنا ما زلت أولول وأصرخ وأصيح ، قالت الطبيبة لأمي أن تضغط وتزفر ( تخرج الزفير ) فأخطئت أمي وشهقت ، فسُحب جسدي إلى أعلى الكيس ، وسمعت قلب أمي يدق وقد تجاوزت سرعة دقاته سرعة سيارة ( لامبورغيني ) ، حاولت الخروج ، فلم أستطع ، بدأت بلكم أمي في رئتها وقلبها وبطنها ، ويبدو أن أمي قد ملت مني وتضايقت ، فزفرت زفرة أخرجتني بسرعة طائرة هيلكوبتر ، فطرت حتى كدت أسقط من نافذة الغرفة ، لكن الممرضة قاسية القلب التقطتني من قدمي ، فتألمت وبدأت بالبكاء ، كان هذا البكاء هو الذي أراح جسمي ونفسي وروحي ، نظرت عاليا فرأيت صديقتي تنظر إلي من السماء وهي تضحك وتضحك ، كانت دموع ضحكها تسقط علي ، كدت أموت من الغيظ ، ضربت يد الممرضة فلم تحس بشي ، عضضتها من ذراعها عضة كسرت فكي وحنكي ، ويظهر أنها تألمت فتركتني أسقط في حضن أمي ، نظرت أمي إلي وقبلتني من جبيني ، فاحمر خدي ووضعت رأسي في صدرها ، وبعد قليل جاء والدي ففرح لرؤيتي ، وسمعته يقول لوالدتي ، يا إلهي إنه يشبه الملاك ، ضحكت بخفوت ، فقد عرف أبي أخيرا من أنا ، أنا ملاك نزل من السماء وسجن في بطن تلك الآدمية ، والآن الجميع يعترف بملائكيتي من شدة الجمال والنور الذي أتنعم به ، وبدأ مسلسل الحياة لدي ، وبدأت من اليوم أدون كل ما يحدث معي ، وها أنذا معكم انقل لكم ما حدث معي منذ فارقت عالم الروح.
ففي مثل هذا اليوم ، أبصر جسدي نور الحياة ، وفرح الجميع بولادتي ، فكل عام وأنا بخير ، وجميع من شهد ولادتي بخير.
مذكرات محشش وهو في بطن أمه :)