سلسلة مرآة الحقيقة
The Mirror of Truth
الحقيقة التاسعة عشر
الشيفرات السرية القديمة
ملاحظة : جميع المصادر والمعلومات مأخوذة من نتائج البحث في موقع جوجل في المواقع الإنجليزية فقط ، أما أسلوب الكتابة والأمثلة فهو من تأليفي.
عملية التشفير : هي عبارة عن عملية تحويل بيانات ( غالبا ما يكون نصا ) من النظام الهجائي المستخدم المعروف ، إلى نظام آخر لا يفهمه أحد إلا من تعلم هذه الطريقة ، حيث تساعد تلك الطريقة على نقل معلومات ونصوص ، وربما تراث كامل ، عبر الأجيال ، بدون أن تتعرض لتحريف المعتدين ، أو تزوير المستعمرين ، أو قد تتستر على معلومات هامة ، كالمعلومات العسكرية أو السياسية ، كي لا تقع بيد الأعداء وتكشفهم ، وقد كانت تلك الطريقة معروفة منذ آلاف السنين ، وكانوا يستعملونها أثناء الحروب ، أو نقل الرسائل الملكية والرئاسية من مستعمرة إلى أخرى ، وكثيرا ما كانت تقع تلك الرسائل والأوامر بيد المعتدين ، بيد أنهم لم يكونوا يفهمون شيئا منها ، مما يؤدي لستر الخطط والمؤامرات ، وينجيها من الهلاك بيد الأعداء ، أو الدمار.
وقد كان قدماء المصريين يستعملون الشيفرات البسيطة الرمزية لنقل الرسائل إلى الولاة أو حكام المدن المصرية المختلفة ، إلا أن التاريخ محا تلك الشيفرات ، لصعوبتها وعدم فائدتها في وقتنا الحاضر ، كذلك لصعوبة اللغة المصرية القديمة ( الهيروغليفية ) واستعمالها للرمزيات والصور المختلفة أكثر من الأنظمة الهجائية البسيطة.
إلا أن التاريخ قد سجل أول شيفرة حفظت للأجيال القادمة ، وكان للقائد الروماني الكبير ، والإمبراطور العظيم ( يوليوس قيصر ) شرف اختراعها ونشرها خاصة بعد وفاته ، وكانت تعتمد على الإزاحة ، أي أن كل حرف من الحروف الهجائية كان يحذف ويوضع مكانه الحرف الذي يليه أو يسبقه في الأبجدية الهجائية ، فيصبح على سبيل المثال : حرف أ ==> ب ، وحرف ب ==> ت ، وحرف ت ==> ث ، وهكذا ، أو قد يصبح في شيفرة أخرى حرف ب ==> أ ، وحرف ت ==> ب ، وحرف ث ==> ت ، وهكذا ، وقد كان يوليوس قيصر ذكيا ، وكان يعلم أن شيفرته قد تكشف يوما ما ، فكان يكتب كل جزء من رسالته بشيفرة مختلفة عن جزء آخر ، وأصبح ليوليوس قيصر أكثر من 50 شيفرة إزاحية تعتمد على إزاحة كل حرف بمقدار خانتين أو ثلاث أو ربما خمس وعشرين خانة في الأبجدية الرومانية ، ولهذا أنقذ يوليوس قيصر شعبه من عدة حروب ، وحفظ نفسه وأمته من الأعداء ، وانتصر على جميع مخالفيه ، ونشر الأمن في مملكته .
وجاء من بعده اليهود ، بعد بعثة النبي عيسى بعشرات السنين فاخترعوا شيفرة من أعظم وأروع الشيفرات في العالم القديم ، وسموها شيفرة ( أتباش ) ، وكانت تلك الشيفرة تعتمد على التبديل ، أي تبديل الحرف الأول في الأبجدية بالحرف الأخير فيها ، والحرف الثاني بالحرف ما قبل الأخير ، وهكذا ، فيصبح حرف أ مثلا ==> ي ، وحرف ب ==> و ، وحرف ت ==> ه ، وهلم جر ، وبهذه الشيفرة شفروا جميع كتبهم الدينية ، وخاصة التوراة والتلمود والتناخ ، وحفظوا حضارتهم وتراثهم من التحريف أو الانقراض ، حيث شفروا جميع المدن المذكورة في التوراة ، وكذلك الأشخاص والأسماء ، لذا كان يظن فيما سبق أن المدن المذكورة في تلك الكتب لا وجود لها على أرض الواقع أو في التاريخ ، مما سبب تشككا كبيرا في مصداقية التوراة ، لكن المؤرخين اكتشفوا – قبل أن يكشف علماء اليهود ذلك – أن تلك الأسماء ما هي إلا شيفرات تم تشفيرها ، وعندما أعادوا فكها ، كانت المفاجأة مذهلة ، حيث خرجت أسماء مدن حقيقية كبابل وصيدا ورها وأورشاليم وعمون ، وأنا هنا لا أدافع عن اليهود أو أنفي التحريف في كتبهم ، فالتحريف واقع لا محالة ، والحذف والإضافة قد حصلت والجميع يؤيدها ، لكنني أنقل تاريخا معينا لفترة معينة حين كان لليهود تراث وحضارة ، وأكشف جزءا من الواقع المدفون بتحريف أجزاء من التوراة عن طريق التشفير.
وهكذا عاشت الشعوب القديمة بطريقة قد تكون أفضل من حالنا الآن ، رغم تقدمنا العلمي والعسكري ، فقد كانت تناضل بشرف وصدق من أجل البقاء ، وكانت تبذل الغالي والرخيص في سبيل ذلك ، ولم تكن الشيفرات التبديلية أو الهجائية هي الوحيدة على مستوى العالم ، بل كان هناك ما يسمى بالمربعات السحرية ، كمربع يوليوس قيصر مرة أخرى ، الذي كان يشفر رسالة عن طريق الإزاحة ، ثم يصفها بترتيب عمودي في مربعه كما سنرى في الأمثلة بعد قليل.
ومن المربعات السحرية الفذة ، مربع بنجامين فرانكلين ، الماسوني المعروف الذي ابتكر مربعه السحري ذو أربع وستين خانة ، واعتمد الرموز والدلالات ، في إخفاء أسرار الماسونية ، عن طريق وضعها بين عشرات الشيفرات الماسونية التي تشير وتؤدي إلى أسرارهم الخاصة ، ومخابئهم السرية ، وأيضا هناك قرص ألبيرتي ، وهو قرص معقد نوعا ما استخدم في اوروبا في العصور الوسطى.
واستمرت الشعوب بتشفير ما تستطيع تشفيره ، حتى جاء عصر الرقميات ، فانتشرت الشيفرات المذهلة ، وأصبح هناك سلاسل لا تحصى من الشيفرات الرقمية والأبجدية ، وصنعت شيفرات تحول الأحرف إلى أعداد ، أو إلى رموز ، أو تحول أبجدية ما إلى أبجدية أخرى ، وكان المستفيد طبعا من تلك العمليات هم اللصوص أو تجار المخدرات غالبا ، فقد كانوا يشفرون رسائلهم ببرامج خاصة ، كي لا تقع بيد الرقابة على الانترنت ، وتكشف الحكومات أمرهم ، لكننا في العصر الحديث ، كشفت وماتت جميع الشيفرات في العالم ، حيث صنعت برامج تكشف جميع التباديل لأي شيفرة قد تصل إلى ملايين الكيلو بايت ، وأصبحت الآن تلك الشيفرات هواية بين جماعة ما ، أو بين الأصدقاء ، وأصبحت وسيلة للتسلية ، وخاصة في المناسبات ، أو بين الأذكياء ، وفي الألعاب التي تعتمد على التفكير والتحليل.
إن عالم الشيفرات ، وخاصة الرقمية الحديثة ، قد تختلف في انجذاب الآخرين لها ، بمستوى أقل من الشيفرات القديمة ، فللشيفرات القديمة شعبية أكثر ، وجاذبية اكبر ، لكن الشيفرات الرقمية تبقى أكثر انتشارا بين هواة التشفير ، لأنها تعتمد ببساطة على الأرقام ، ويمكن حلها بصنع برنامج رقمي يستطيع فك آلاف الحروف خلال أجزاء من الثواني.
أمثلة على الشيفرات الشائعة :
1. شيفرة يوليوس قيصر الإزاحية ( سنأخذ فقط الإزاحة بمقدار 3 خانات ، وهي الشائعة عنه ) :
أ = ث ، ب = ج ، ت = ح ، ث = خ ، ج = د ، ح = ذ ، خ = ر ، د = ز ، ذ = س ، ر = ش ، ز = ص ، س = ض ، ش = ط ، ص = ظ ، ض = ع ، ط = غ ، ظ = ف ، ع = ق ، غ = ك ، ف = ل ، ق = م ، ك = ن ، ل = ه ، م = و ، ن = ي ، ه = أ ، و = ب ، ي = ت.
فمثلا : كلمة شيفرة تصبح بالتحويل السابق : طتلشح ، على اعتبار ( ة ) هي ( ت ) بأصلها.
وأيضا : كلمة شمس تصبح : طوض ، وكلمة قمر تصبح : موش ، وكلمة يهود تصبح : تابز ، وكلمة قيصر تصبح : متظش ، وهكذا.
2. شيفرة ( أتباش ) اليهودية القديمة :
أ = ي ، ب = و ، ت = ه ، ث = ن ، ج = م ، ح = ل ، خ = ك ، د = ق ، ذ = ف ، ر = غ ، ز = ع ، س = ظ ، ش = ط ، ص = ض ، ض = ص ، ط = ش ، ظ = س ، ع = ز ، غ = ر ، ف = ذ ، ق = د ، ك = خ ، ل = ح ، م = ج ، ن = ث ، ه = ت ، و = ب ، ي = أ.
فمثلا نستعمل نفس الكلمات السابقة فيكون :
شيفرة : طاذغه ، شمس : طجظ ، قمر : دجغ ، يهود : اتبق ، قيصر : داضغ ، وهكذا.
3. مربع قيصر السحري :
يعتمد مربع قيصر السحري على أخذ الجملة كاملة بإلغاء المسافات بين كلماتها ، ثم ترتيبها في مربع يبدأ من أعلى اليسار نزولا لأسفل ، ثم الانتقال إلى العمود الثاني من الأعلى وهكذا ، بالنسبة للأحرف الإنجليزية ، أو من أعلى اليمين نزولا لأسفل ، ثم الانتقال إلى العمود الثاني ، وهكذا
ويفضل أن يكون حروف الجملة بحيث تكون مربعا لعدد صحيح ، كـ 1 ، 4 ، 9 ، 16 ، 25 ، 36 ، وهكذا ، بحيث يستطيع الشخص أخذ الجذر التربيعي لحروف الجملة لتكوين المربع المناسب لها.
فمثلا : عندما نأخذ الجملة التالية : أنا أحب وطني فلسطين ، على سبيل المثال ، فإننا نلغي المسافات بين الكلمات أولا ، فتصبح أناأحبوطنيفلسطين ، فنستنتج أن عدد حروف الجملة = 16 حرف ، فيكون المربع المناسب لها هو 4×4 .
بعد ذلك نبدأ بترتيب الأحرف في المربع من أعلى اليمين نزولا لأسفل كالتالي :
ثم نعيد كتابة الجملة ابتداء من الصف الأول إلى اليسار ثم الانتقال إلى الصف الثاني ، فتصبح : أحنس نبيط اوفي أطلن ، وهي شيفرة قيصر عن طريق المربع السحري لجملة أنا أحب وطني فلسطين
مثال آخر : أنا أحب مصر ==> أناأحبمصر ==> 9 حروف ==> مربع 3×3 :
فتصبح بعد التشفير : أأمن نح صابر ، وبالتالي لا احد يعرف ما تحتوي تلك الرسالة أو الصورة إلا بفهمه وتدريبه جيدا على مربع قيصر ، حيث يوجد حالات عديدة غير المذكورة ، مثلا : إذا كانت أحرف الجملة ليست مربعا كاملا ، فعندها نأخذ أقرب مربع كامل إلى عدد حروف الجملة ، وإذا كانت الرسالة مكونة من آلاف الحروف ، فنستطيع تجزيئها إلى مائة حرف كحد أقصى ، وهكذا.
4. مربع فرانكلين السحري
هذا المربع السحري ذو الأربع والستون خانة غير المرتبة ، يمتاز عن غيره من المربعات السحرية بأن مجموع كل صف وكل عامود فيه يساوي العدد نفسه ، وهو 260 ، ويتم وضع كل حرف من أحرف الجملة في مكانها المناسب في الجدول اعتمادا على ترتيبها في الجملة ، فالحرف الأول يوضع في الخانة 1 ، والحرف الثاني يوضع في الخانة 2 ، والحرف الثلاثون يوضع في الخانة 30 ، أو يتم وضع رموز وصور صغيرة تشير بشكل غير مباشر إلى كنز أو خريطة أو مكان أو سر لا يعرفه إلا أصحاب المربع وعلماء الدلالات الرمزية.
وقد يتم تشفير جملة ما عن طريق ( أتباش ) ثم وضعها في مربع قيصر ، أو يتم تشفيرها عدة مرات بطريقة الإزاحة ثم التبديل ثم الإزاحة مرة أخرى ثم وضعها في مربع قيصر ، بحيث يستحيل على أي احد إلا الشخص ومن ترسل إليه الرسالة أن يفكها ، حقا إنها لعبة مميزة ، وطريقة رائعة للتعامل مع الآخرين حيث يتم تغيير الروتين ، وإضفاء جو من الإثارة بين الأشخاص أو المجموعة ، وادعو القراء إلى قراءة المزيد من الشيفرات التي يزيد عددها على 40 شيفرة قديمة ما زالت باقية إلى اليوم ، مثل شيفرة ألبيرتو ، والشيفرة العظيمة ، وغيرها.
المصادر :
وغيرها عشرات المصادر التي لا تتسع هنا