سلسلة مرآة الحقيقة
The Mirror of Truth
The Mirror of Truth
الحقيقة الثالثة
البدعة القاتلة ( التكفير )
تطل علينا وجوه كل يوم لتخبرنا أن فلان ما كافر وأن جماعة ما كافرة ، وأن كل المذاهب كافرة ، وأن جميع البشر في الأرض البالغ عددهم سبعة مليارات شخص كفار فاسقون ، مستباحو المال والدم والعرض ، وتقوم الدنيا ولا تقعد حول هذا الموضوع الذي يعتبر من أتفه الموضوعات التي يعاني منها العرب والمسلمون مقارنة بالأحداث العظام الجسام التي يتعرضون لها ، فترى هذه الجماعات لا هم لها إلا تصنيف البشر من المسلم ومن الكافر ، وفي نظرهم أن جميع البشر من عهد آدم إلى قيام الساعة كفار ، إلا هم ومن يسيرون على طريقتهم ، وكأن هذا الدين جوهره وذروة سنامه التكفير ، فما أن يفعل شخص ما فعلا ، إلا ويثور هؤلاء التكفيريون ليلصقوا الكفر بظهره ، ويقولون عنه مبتدع مخالف للسنة والقرآن ، وتحل لعناتهم عليه لمجرد أن لبس حذاء ( أديداس ) في الصلاة ، أو استعمل السواك قبل مغرب في رمضان ، أو لبس جينز أو وضع قبعة وهو يزكي ، أو تزين بسوار في يديه .
أهذا هو الدين بنظرهم ، أن ينصبوا المجالس ويحكموا على الناس بما يظنون ، وكيفما يشتهون ، وما تملي عليهم رغباتهم وعقولهم ؟ أهذا هو الدين الحنيف الذي ارتضاه الله لبني البشر ؟ يأمر بتكفير كل الناس لمجرد شبهة ؟ إن هذا الدين العظيم الذي لم يعرف أحد كنهه وجوهره ولبه إلا الأتقياء والصالحون ، لهو دين السماحة والعفو والرفق ، فكما امرنا الله بالرفق مع الحيوان الأعجم ، فالرفق ببني البشر أولى واهم ، وهذا الدين قام على النصيحة والدعوة الحسنة ، ورفض كل أشكال السب والطعن والتكفير والإساءة إلى الآخرين ، إن هذا الدين العظيم يرفض بشكل قاطع أي سبب يؤدي لفرقة المسلمين ، فهو يرغب في بقائهم مجتمعين ، وأي سبب يجعل المسلمون يتفرقون أعظم من قضية التكفير؟
ولكن لننظر إلى الموضوع من زاوية أخرى ، إن هؤلاء المكفرين ( التكفيريين ) لأي منهج يحتكمون ، ولأي دليل يلجئون ؟ فهل في كتاب الله وسنة رسوله ما يؤيد التكفير ، هل حكم الرسول على أشخاص ما بالكفر نتيجة مخالفتهم أحكام الدين ؟ هل قرر الصحابة أن فئة ما كافرة لأنها تخالف نهجهم ؟ كلا هذا لم يحدث ، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أيما رجل قال لأخيه يا كافر ، فقد باء بها أحدهما ) أي أحد الشخصين سيكون كافرا لا محالة إما القائل او المستمع ، فلماذا نضع أنفسنا في موضع احتمال أن نصبح نحن الكفار ؟؟ ، ولقد اشتد الخلاف وعظم بين معاوية وعلي رضي الله عنهما فلم يكفر أحد منهما الآخر ، بل بقي بينهما نوع من الود و الاحترام القائم بينهما ، فلماذا نكفر مذهب السنة والجماعة ؟ ولماذا نكفر الشيعة ؟ ولماذا نكفر الدروز والعلويين ؟ إننا جميعا مسلمون تحت راية هذا الدين على اختلاف فكرنا ، بل إنه لا يحق لنا أن نكفر المسيحيين ولا اليهود ، فمرد هذا الأمر إلى الله عز وجل ، هو الذي يحكم يوم القيامة بما يشاء وبما يعرف ؟ أما نحن فحدود صلاحياتنا في أمور الأحكام فقط ، فنحن نعاقب الزاني إذا ثبت زناه ، ونعاقب السارق إذا ثبتت سرقته ، ونعاقب شارب الخمر إذا ثبت شربه للخمر ، ولا نكفر الرجل لمجرد التشكيك في دينه.
لنتق الله فيما نفعل ، وليظهر هؤلاء ليعلنوا أمام الله وأمام الملأ أنهم مخطئون نادمون ، فالإعتراف بالذنب فضيلة ، والساكت عن الحق شيطان اخرس ، ولنكن جميعا تحت راية الدين الحنيف ، ولنطو صفحة من أقسى الصفحات في حياتنا ، ولنلغ إحدى المشاكل التي نعاني منها ، وليكن الله بين أعيننا وفي قلوبنا نحتكم بحكمه ونرضى بنهجه ، ولنحب أعدائنا ، ولنبارك لاعنينا ، وكما قال المسيح عليه السلام : من ضربك على خدك الأيمن فادر له خدك الأيسر ، ولم يقل : من ضربك على خدك الأيمن فكفره وأخرجه من الملة !!!!
هناك تعليقان (2):
يعجبني أسلوبك.....
واصل..
مشكووووووووووووووور
إرسال تعليق