سلسلة مرآة الحقيقة
The Mirror of Truth
الحقيقة الأولى
في خطر الضياع
أشلاء قتلى هنا وهناك ، جثث تطفو فوق انهار الدماء ، منازل متهدمة على مد البصر ، سماء تضيء بقنابل متوهجة ، هذا ما شاهدته عندما فتحت التلفاز في بداية عام 2009 ، ظننت ان ما شاهدته هو مقطع فيلم يعرض على قناة فنية أو أجنبية ، لكن الحقيقة التي اكتشفتها ان تلك المناظر ما هي إلا نقلا عما يحدث في فلسطين ، وتحديدا في غزة أثناء حرب الكيان المغتصب عليها ، بدأت سنتي الجديدة بمآسي لأخوان لي هناك ، لأطفال ورجال ونساء يدينون بعقيدتي وينتمون لعروبتي ، هؤلاء الذي يعيشون في فلسطين وغزة والضفة ، وملايين اللاجئين في جميع دول العالم ، قد سحبت هويتهم ، وهجروا من أراضيهم ، وطردوا من بلدهم ، ليعيشوا لاجئين هنا وهناك ، هذا ما يحدث بالضبط منذ ستين عاما لأبناء فلسطين ، الذين ذاقوا المر والصعب من أجل قضيتهم ، في حين غفل العرب عن مناصرتهم ، لماذا يحدث ذلك ؟ لماذا يحدث كل ذلك في فلسطين ، أليست فلسطين بلدا عربيا قبل ان يكون إسلاميا ، أليس هناك في فلسطين مئات المقدسات الإسلامية والمسيحية وحتى اليهودية ، التي تتعرض كل يوم لنهب وسلب من اليهود الملحدين الذين لا يريدون السلام للعالم ، أليس المسجد الاقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين في القدس ، أليس من واجبنا أن نقف يدا بيد على اختلاف اعتقاداتنا ، لمناصرة اخواننا في الإنسانية والعروبة ؟ أليس من حق هذا الشعب أن يحيا حياة كريمة مثلما نعيش نحن ؟ أليس من حقه ان يتعلم في الجامعات ، ويسكن في فلل فاخرة ، ويركبون سيارات فارهة ، مثلما نفعل نحن ؟ أليس من حقه أن يأكل أطيب الطعام في افضل المطاعم ، ويلبس أجمل الثياب وأرقاها ؟ أليس من حقه أن يحيا حياة كريمة عادلة غير ظالمة ؟
بالأمس القريب ، في العام الفائت ، تم اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية ، وأي عاصمة تلك ؟ التي ما أن تم اختيارها عاصمة للثقافتنا ، حتى هب الجنود الصهاينة لتدمير وإزالة أحياء سكنية برمتها ، وتشريد آلاف السكان منها ، ووضعها تحت الوصاية اليهودية ، لتتحول عاصمة الثقافة العربية إلى عاصمة لليهود يسرحون ويمرحون بها كيفما يشائون ، فحفروا أنفاقا للمسجد الاقصى ، كي ينهدم ويختفي من الوجود ، هذا ما يحدث لمقساتكم العربية يا أيها العرب المسلمون ، فضلا عما يحدث للكنائس والأثار المسيحية ، كل هذا يحدث بصمت من العالم ، وصمت من العرب قبل الآخرين ، فلا هم يحركون الجيوش ، أو حتى يبادرون لإنقاذ هذا الشعب الأبي العظيم ، وشعوبنا لاهية منشغلة بأشياء تافهة ، يتابعون أحدث الافلام ، ويبحثون عن أرقى الموضات ، ويستمعون لأجدد الكليبات ، أهذا ما وصى به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال : ( من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ) ، بأبي انت وأمي يارسول الله ، صدقت فانظر ماذا يفعل المسلمون اليوم ، الخطر يحدق بهم من جميع الجهات ، وهم نائمون غافلون لاهون.
في وقت ما من التاريخ البعيد ، سقطت القدس بيد الصليبيين ، وارتكبت بحقهم أفظع الجرائم ، كما يحدث الآن ونشاهده على شاشات التلفاز ، وبقيت القدس بأيديهم تسعين سنة ، حتى أذن الله بتحريرها على يد القائد المحنك صلاح الدين الأيوبي ، ولم يكن تحريرها صدفة أو وليد لحظة ، بل كان هناك تمهيد كبير ، وعمل استمر عشرات السنين ، فقد أقيمت شعائر الدين في جميع أراضي المسلمين ، وتوحدت البلاد الإسلامية تحت راية واحدة وحاكم واحد ، وتصافى المسلمون وأذابوا خلافاتهم ، وأصبحت القلوب حقا مهيأة لنصر الله ، فكان النصر العظيم ، واستعادت القدس مكانتها بين المدن والأراضي.
أيها الإخوة الاعزاء ، أيها الشعب الكريم الذي تعودنا ان يمد يده المعطاء لنصرة الحق والمظلومين ، إن علينا واجبا هاما ، لا يقل عن واجباتنا الدينية الأخرى ، علينا واجب الوقوف بجانب فلسطين ، نصرة اخواننا هناك ، نصرة مقدساتنا ، نصرة تاريخنا الذي يداس بالاقدام ، نصرة حقنا الذي يضيع بين أمواج الظلم والاستبداد ، إن واجبنا قبل كل شيء أن ندعو دعاء صادقا ان ينصر الله أهالينا في فلسطين ، أن نمدنا بالاسباب التي تعيننا على استرجاع ما ضاع منا ، وأيضا يجب علينا نصرة أهلنا هناك بكل الوسائل التي نملكها ، التبرع والخطابة والشعر والكتابة والصحافة ، حتى أنه يجب علينا ان نقوم بإنتاج أفلام تبين خطر اليهود وما يحدث في أرض المحشر والمنشر ، فكل حسب استطاعته ، وعندما يرى الله منا النية الصادقة ، والحماس الواثق بقدرته ، ثقوا تماما أن النصر آت لا محالة ، فاللهم انصر اخواننا هناك في فلسطين ، وفي كل بلد يتعرضون فيه للعذاب يارب العالمين.
هناك 4 تعليقات:
كلمات صادقة خرجت لتلامس شغاف القلب ، وتخاطب العقل والروح والوجدان ، القدس عاصمة الدين الحنيف ومسرى الرسول الأمين ، بها عرج إلى السماء ليقابل رب العزةسبحانه ..
لكنا اعتدنا الهوان وأرسينا للذل في قلوبنا مرسى
حياتنا باتت كالأنعام نعيش لنأكل و نمارس عادتنا الحيوية وحسب ..
بوركت كلماتك المضيئة التي أرجو أن تكون أحرف من نور لتضيءلنا الطريق
اخي الكريم ومعلمي العظيم ، أشكرك على ما سطره قلمك بحق مقالتي ، وأوافقك الرأي في كل ما ذكرته ، كما أقدر لك مرورك وكلماتك التي تدفعني نحو المزيد دفعا سريعا ، وتقوم بتصحيح بعض الاخطاء التي توجد لدي
أشكرك شكرا نابعا من القلب
موضوع مؤثر....
يجب على العالم إستماعه
...
لا تنسى فضل القرآن الكريم
فهو المفتاح بإذن الله...
وبحفظه يأتي النصر بإذن الله..
الف شكر لمرورك اللطيف ، ولا يحرمنا ربي من طلتك وتعليقاتك
إرسال تعليق